نادي برقين الرياضي

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
نادي برقين الرياضي

عرض جميع فعاليات واخبار النادي واخر اخبار بلدة برقين واخر مشاريع نادي برقين الرياضي.


2 مشترك

    القران المعجزة الخالدة

    محمد عبيدي
    محمد عبيدي


    عدد المساهمات : 249
    تاريخ التسجيل : 21/11/2009

    القران المعجزة الخالدة Empty القران المعجزة الخالدة

    مُساهمة  محمد عبيدي الجمعة نوفمبر 27, 2009 8:05 pm

    ما اعظمك يا رب


    بقي لمحمد - صلى الله عليه وسلم - ما هو أبلغ من المعجزات المادية، معجزة القرآن بكلماته وأساليبه وبيانه. ومنذ أن هبط الوحي عليه في الغار المظلم في تلك الليلة الرمضانية ليقول له "اقرأ" ونحن مطالبون بإعادة قراءته واستجلاء معانيه على مر الزمان.

    إن القرآن يأخذ سبيله إلى القلوب والأفئدة، ويستولى على النفوس فيفك أغلالها، ويهدهد كبرياءها، فلا تلبث هنا أن تنشرح له الصدور، وترق لسماعه القلوب، وكم من عدو للرسول - صلى الله عليه وسلم - من رجال العرب وفتاكهم أقبلوا اغتياله وقتله، فسمعوا آيات القرآن فلم يلبثوا حين وقعت في مسامعهم أن يتحولوا عن رأيهم الأول، ويدخلوا في دينه إن عداوتهم صارت موالاة، وكفرهم إيمانا!!.

    من الأمثلة في هذا المضمار موقف عمر بن الخطاب من إسلام أخته، حينما قرع بابها وحينما غلظت نفسه فصكها ولما وقع في سمعه القرآن لم يلبث أن اهتدى ثم آمن لحينه!، ولما قرأ الرسول الكريم القرآن في مواسم الحج على النفر الذين حضروه آمنوا به وعادوا إلى مواقعهم، وقد أظهروا الدين، ولم يبق بيت من بيوت الأنصار إلا وفيه قرآن يسمع أو يتلى، حتى قال أحدهم مع جماعة: فتحت الأمصار بالسيوف وفتحت المدينة بالقرآن.

    حتى أن الجن سمع القرآن اهتدى به وآمن، ولقد ذكر هذا الهدى القرآني الحق تبارك وتعالى فقال إنا سمعنا قرآنا عجبا، يهدي إلى الرشد فآمنا به.

    لقد شاء الله أن يكون القرآن معجزة خالدة أبد الدهر ، فجعلها معجزة عقلية تخاطب الناس جميعا في كل زمان ومكان ، يؤيد ذلك قوله تعالى وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا.

    وقوله سبحانه وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين

    وقد تحدى القرآن العرب، فوقفوا حيارى أمام بيانه وتصريفه وبلاغته ولغته، ووجدوا فيه نمطا فريدا لم يألفوه من قبل، فهو ليس بالشعر، ولا الكهانة، ولا يستطيع أن يقوله بشر، فشهدوا لعظمته، ونطقوا بإعجازه، فلقد قال الحافظ ابن كثير في تفسيره، لسورة فصلت لا سيما في الآيات 1/4 من السورة: حدثت أن عتبة بن ربيعة وكان سيدا قال يوما وهو جالس في نادي قريش ورسول الله - - جالس في المسجد وحده:
    (يا معشر قريش ألا أقوم إلى محمد فأكلمه وأعرض عليه أمورا لعله أن يقبل بعضها فنعطيه أيها شاء ويكف عنا؟ - وذلك حين أسلم حمزة - فقالوا: بلى يا أبا الوليد فقم إليه فكلمه، فقام إليه عتبة حتى جلس إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (يا ابن أخي إنك منا حيث علمت من السلطة في العشيرة والمكان في النسب، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم وسفهت به أحلامهم، فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها. قال: فقال له الرسول: "قل يا أبا الوليد أسمع". قال: ابن أخي إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت تريد به شرفا سودناك علينا حتى لا نقطع أمرا دونك، وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الأطباء، وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه أو كما قال له، حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله - - يستمع منه قال: (أفرغت يا أبا الوليد؟) قال نعم. قال: (فاستمع مني) قال افعل: قال بسم الله الرحمن الرحيم، حم (*) تنزيل من الرحمن الرحيم(*) كتاب فصلت آياته قرءانا عربيا لقوم يعلمون(*) بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون.

    فلما سمع عتبة أنصت لها وألقى يديه خلف ظهره معتمدا عليهما يستمع منه حتى انتهى رسول الله - - إلى السجدة منها فسجد ثم قال: (قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت فأنت وذاك) فقام عتبة إلى أصحابه فقال بعضهم لبعض نحلف بالله لقد جاءكم أبوالوليد بغير الوجه الذي ذهب به. فلما جلس إليهم قالوا: ما وراءك يا أبا الوليد؟ قال: ورائي أني سمعت قولا، والله ما سمعت مثله قط! والله ما هو بالسحر ولا بالشعر ولا بالكهانة، يا معشر قريش: أطيعوني واجعلوها لي، خلوا بين الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه! فوالله ليكونن لقوله الذي سمعته نبأ، فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم، وإن يظهر على العرب فملكه ملككم وعزه عزكم وكنتم أسعد الناس به.

    قالوا: سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه، قال: هذا رأيي فيه فاصنعوا ما بدا لكم).

    لقد نزل القرآن شفاء للصدور ورحمة للعالمين، ودليلا للهداية، فالقرآن أكبر معجزة عرفها التاريخ، سواء على الصعيد الإنساني، أو الحضاري، ومما لا شك فيه أن العرب على تعاديهم وقلتهم وضعف وسائلهم الحربية اكتسحوا دولتي الفرس والروم، وهما يومئذ فخر الدنيا القديمة، فإذا نظرنا إلى معجزات الأنبياء والمرسلين، رأينا القرآن الكريم أعظم المعجزات وأوضحها دلالة، لأن الخوارق في الغالب مغايرة للوحي الذي يتلقاه الأنبياء أو الرسل، وتأتي المعجزة شاهدة فقط، أما القرآن فهو نفسه الوحي وهو الخارق المعجز فدلالته في عينه، فلقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من الأنبياء نبي إلا أعطى من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلى فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة.

    وقد روي أن ثلاثة من بلغاء قريش، الوليد بن المغيرة، والأخنس ابن قيس، وعمرو بن هشام، اجتمعوا ليلة يتلصصون فيها خلف منزل محمد كل واحد من ناحية يستمعون للقرآن من النبي وهو يصلي في بيته، إلى أن أصبحوا، فلما انصرفوا جمعتهم الطريق فتلاوموا على ذلك وقالوا: إنه إذا رآكم سفهاؤكم تفعلون ذلك فعلوه واستمعوا إلى ما يقوله وآمنوا به.

    فلما كانوا من الليلة الثانية عادوا وأخذ كل واحد موضعه، فلما أصبحوا جمعتهم الطريق فاشتد نكيرهم وتعاهدوا وتحالفوا ألا يعودوا، فلما تعالى النهار جاء الوليد بن المغيرة إلى الأخنس بن قيس، فقال: ما تقول فيما سمعت من محمد؟ فقال الأخنس: ماذا أقول؟ قال بنوعبدالمطلب فينا الحجابة، قلنا نعم، يقولون فينا نبي ينزل عليه الوحي، والله لا آمنت به أبدا. فما صدهم عن الإيمان إلا عصبية الجاهلية، التي ألهتهم عن استماع قول الحق والإيمان به.

    وجوه الإعجاز

    تنوعت وجوه الإعجاز القرآني، فهو معجز كله من ناحية معناه ومبناه، ومن الأسرار الدقيقة في القرآن تأثيره في القلوب، وسلطانه في النفوس، قال تعالى الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ، وإنما صار القرآن معجزا لأنه جاء بأفصح الألفاظ، في أحسن نظام وتأليف، متضمنا أصح المعاني من توحيد الله وتنزيهه في صفاته والدعوة إلى طاعته، وبيانه لطريق عبادته، من تحليل وتحريم، وحظر وإباحة، ووعظ وتقويم، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وإرشاد إلى محاسن الأخلاق ومكارمها، والزجر عن مساويها، متضمنا أخبار القرون الماضية، وما حدث فيها من ظلم وبغي وامتهان وكفر، مع الإشارة إلى العصور اللاحقة القادمة جامعا في ذلك بين الحجة والمحتج له والدليل والذي بان عنه الدليل، ومعلوم أن الإتيان بمثل هذه الأمور، والجمع لأشتاتها كي تنتظم وتتسق، أمر تعجز عنه قوى البشر مهما تعالت قدراتها، ولا تبلغه قدراتهم البالية، فانقطع الخلق دونه، وعجزوا عن معارضته بالمثل، أو المناقضة في شكله ومضمونه، ثم صار المعاندون له يقولون مرة إنه كالشعر، لما رأوا فيه نظام واتحاد للأوزان البلاغية فظنوا أنه شعر وما هو بالشعر، ومرة ادعوا أنه سحر يسحر القلوب، ولم يتمالكوا أن يسجلوا اعترافهم بأنه معجزة بالكلية في العصور والأزمان.

    ولعل مما انفرد به القرآن دون غيره أنه لا تمل النفس منه الإعادة، وكلما نظرت فيه وجدته غضا جديدا مونقا، وصادفت من نفسك له نشاطا مستأنفا وحسا موفورا، ومن خصائص القرآن أنه جمع بين صفتي الجزالة والعذوبة، وهما كالمتضادتين لا يجتمعان أبدا في كلام البشر.

    وقد قال الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره: "وجه الإعجاز الفصاحة وغرابة الأسلوب، والسلامة من جميع العيوب" وقال الإمام ابن عطية الأندلسي في تفسيره "المحرر الوجيز في تفسير كلام الله العزيز" : "الصحيح والذي عليه الجمهور والحذاق في وجه إعجازه أنه بنظمه وصحة معانيه وتوالي فصاحة ألفاظه، وذلك أن الله أحاط بكل شيء علما وأحاط بالكلام كله، فإذا أنزل لفظ من القرآن علم بإحاطته أي لفظة تصلح أن تلي الأولى وتبين المعنى بعد المعنى، ثم كذلك من أول القرآن إلى آخره، والبشر يعمهم الجهل والنسيان والذهول، ومعلوم ضرورة أن أحدا من البشر لا يحيط بذلك، فلهذا جاء نظم القرآن في الغاية القصوى من الفصاحة، وبهذا يبطل زعم من قال بأن العرب كانت لديهم القدرة في الإتيان بمثله فصرفوا عن ذلك، والصحيح أنه لم يكن في قدرة أحد قط، لهذا ترى البليغ أو الشاعر في الجاهلية يظل ينقح في القصيدة الواحدة حولا كاملا ثم ينظر فيها فيغير فيها وهلم جرا... وكتاب الله لو نزعت منه لفظة ثم أدير لسان العرب على لفظة أحسن منها لم يوجد، ونحن نتبين البراعة في أكثره ويخفى علينا وجهها في مواضع، لقصورنا عن مرتبة العرب يومئذ في سلامة الذوق وجودة القريحة... وقد قامت الحجة على العالم بالعرب، إذ كانوا أرباب الفصاحة وفطنة المعارضة" وقال الإمام شاه ولي الله الدهلوي في كتابه "الفوز الكبير في أصول التفسير" : "إن سألوا عن إعجاز القرآن. من أي وجه هو؟ قلنا: المحقق عندنا أنه لوجوه كثيرة منها :
    1- الأسلوب البديع : لأن العرب كانت لهم ميادين معلومة يركضون فيها جواد البلاغة، ويحرزون قصبات السبق في مسابقة الأقران، بالقصائد والخطب والرسائل والمحاورات، وما كانوا يعرفون أسلوبا غير هذه الأوضاع الأربعة، ولا يتمكنون من إبداعه أسلوب غير أساليبهم على لسان حضرته - - وهو أمي عين الإعجاز
    2- الإخبار بالقصص والأحكام والملل السابقة: بحيث كان مصدقا للكتب السابقة.

    3- الإخبار بأحوال المستقبل الآتية فكلما وجد شيء على طبق ذلك الإخبار ظهر إعجاز جديد.

    4- الدرجة العليا في البلاغة، مما ليس مقدورا للبشر، ونحن لما جئنا بعد العرب الأول، ما كنا لنصل إلى كنه ذلك، ولكن القدر الذي علمناه أن استعمال الكلمات والتركيبات العذبة الجزلة مع اللطافة وعدم التكلف في القرآن العظيم أكثر منه في قصائد المتقدمين والمتأخرين، فإنا لا نجد من ذلك فيها قدر ما نجده في القرآن، وهذا أمر ذوقي يتمكن من معرفته المهرة من الشعراء، وليس للعامة من الناس ذائقة في هذا الأمر".

    وقال بعضهم : وجه الإعجاز في القرآن استمرار الفصاحة، والبلاغة، في حين أن البلاغة فيه من جميع الأنحاء، وما لها من الاستمرارية لا يقدر أن يحدد له فترة ولا يقدر على منافسته أحد من البشر، وكلام العرب، ومن تكلم بلغتهم لا تستمر كلماته مهما كانت بليغة فصيحة إلا في القليل النزير من أيام الزمن، ثم تعرض الفترات الإنسانية فينقطع طيب الكلام ورونقه، فلا تستمر لذلك الفصاحة في جميعه بل توجد في تفاريق وأجزاء منه. في كتابه " إعجاز القرآن "تناول الأديب مصطفى صادق الرافعي الإعجاز في أقصر سور منه، فقال : "إن لهذه القصار لأمرا وأن لها في القرآن لحكمة هي من أعجب ما ينتهي إليه التأمل حتى لا يقع في النفس موقع الأدلة الإلهية المعجزة، فقد علم الله أن كتابه سيثبت الدهر كله على هذا الترتيب المتداول فيسره للحفظ بأسباب كثيرة أظهرها في المنفعة وأولها في المنزلة، هذه السور القصار التي تخرج من الكلمات المعدودة إلى الآيات القليلة، وهي مع ذلك أكثر ما تجئ آياتها على فاصلة واحدة، أو فواصل قليلة، مع ما بين الفاصلة والفاصل، فكل آية في وضعها كأنها سورة من كلمات قليلة، لا يضيق بها نفس الطفل الصغير وهي تتماسك في ذاكرته بهذه الفواصل، التي تأتي على حرف واحد، أو حرفين أو حروف قليلة متقاربة فلا يستظهر الطفل بعض هذه السور حتى يلتئم نظم القرآن على لسانه ويثبت أثره في نفسه فلا يكون إلا بعد أن يمر فيه مرا، وهو كلما تقدم وجده أسهل ووجد له خصائص تعينه على الحفظ وعلى إثبات ما يحفظ، فلهذا من معاني قوله تعالى: وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين.

    وهي لعمر الله رحمة وأي رحمة، وإذا علمنا أن ترتيب القرآن توقيفي، أدركنا فضل الله في تيسير حفظ كتابه على الناس حيث جعل هذه السور آخر القرآن وهي أول ما يحفظ للصبي في القرآن، وكلما تمرن على الحفظ اتسعت السور واتسع معها ذهن الصبي واستعداده.

    وإذا أردت أن تبلغ عجبا من ذلك فتأمل آخر سورة من القرآن، وهي أول ما يحفظ الأطفال، تلك سورة قل أعوذ برب الناس وانظر كيف جاءت في نظمها، وكيف تكررت الفاصلة وهي لفظة الناس، وفيها السين أشد الحروف صفيرا، وأطربها موقعا من سمع الطفل الصغير، وأبعثها لنشاطه واجتماعه، وكيف تناسب مقاطع السورة عند النطق بها تردد النفس في أصغر طفل يقوى على الكلام حتى أنها تجري معه، وكأنها فصلت على مقداره، وكيف تطابق هذا الأمر كله من جميع جهاته من أحرفها ونظمها ومعانيها، ويضاف إلى ذلك حكمة أخرى وهي تيسير أداء الصلاة على العامة، فإنهم لولا هذه السور لتركوا الصلاة جميعا، إذ لا تصح الصلاة إلا بآيات مع الفاتحة، وقد أغنتهم القصار وتيسرت عليهم فكانت على قلتها معجزة اجتماعية كبرى".

    ومن إعجاز القرآن، اتساق عبارته وأحكام نظمه، واتحاد طريقته في الإبداع والقوة كأنما وضع جملة واحدة ليس بين أجزائها تفاوت أو تباين، فمرد ذلك إلى روح التركيب التي تنعطف عليها جوانب الكلام الإلهي، وتلمح جمال هذا التركيب في نظم الكلمة وتأليفها ثم في تأليف هذا النظم، فمن هنا تعلق بعضه على بعض وخرج في معنى تلك الروح صفة واحدة، هي صفة إعجازه في التركيب، وإن كان فيما وراء ذلك متعدد الوجوه التي يتصرف فيها من أغراض الكلام، ومناحي العبارة على جملة ما حصل به من جهات الخطاب، كالقصص والحكم والتعليم وضرب الأمثال، إلى نحو مما يدور عليه.

    فأنت ما دمت في القرآن حتى تفرغ منه لا ترى غير صورة واحدة من الكمال، وإن اختلفت أجزاؤها في جهات التركيب ومواضع التأليف وألوان التصوير وأغراض الكلام فإنها تفضي إليك جملة واحدة، وقد ذهب العلماء إلى أن ألفاظ القرآن متميزة من جنسها بحيث إذا وجدت تركيبا قرآنيا في نسق الكلام دل ذلك على نفسه، وأرشدت محاسنه إليه لما له من صفة إلهية، قال تعالى: إنه لقول فصل* وما هو بالهزل.

    ومن وجوه الإعجاز في القرآن أن معانيه تجري في مناسبة الوضع وأحكام النظم مجرى ألفاظه، ولا يعدم المفكر وجها صحيحا من القول في ربط كل كلمة بأختها، وكل آية بضريبتها ولك سورة بما إليها وهو علم عجيب أكثر منه الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره، وقد قال أن أكثر لطائف القرآن مودعة في الترتيبات والروابط، ولكن هنا تساؤل هو: هل لوحدة الفكر أو وحدة النظم قيمة اعتبارية، وهل هما متلازمان؟ نعم.. فلإمام الفيروز أبادى في بصائره يقول في تجانس الألفاظ: وأما تجانس الألفاظ فنوعان أيضا: إما من قبيل المزاوجة، كقوله تعالى فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه ، إنما نحن مستهزءون *الله يستهزئ بهم يخادعون الله وهو خادعهم. يكيدون كيدا وأكيد كيدا ومكروا ومكر الله وجزاء سيئة سيئة هل جزاء الإحسان إلا الإحسان.

    وإما من قبيل المناسبة كقوله : ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم . ، يخافون يوما تنقلب فيه القلوب والأبصار. ، وإذا نظرنا إلى أطول سورة في القرآن وهي سورة البقرة، وجدنا أنها تشتمل على موضوعين رئيسيين: الأول: توجيه الدعوة إلى بني إسرائيل وتذكير الله لهم بنعمته، وإغراقه لفرعون، وتذكيرهم بألوان العناد التي عملوها مثل اعتدائهم في السبت وموقفهم من موسى في ذبح البقرة وتحريفهم آيات الله وزعمهم أن الدار الآخرة خالصة لهم من دون الناس.
    الثاني: ويبدأ من قوله: ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب.

    وقد نزل القرآن في بضع وعشرين سنة، وتألف من سبع وسبعين ألفا وسبع وثلاثين كلمة، واكتمل القرآن في هذه المدة على طريقة معجزة، يستوي أولها نزولا وآخرها، في الإطراء والنظم والبلاغة والغرابة، بحيث لا يستطيع إنسان أن يعين فيما بين دفتيه موضع تنقيح، أو يومئ إلى جهة في تهذيب، أو يستخرج ما يدل على ضعف في نسقه واطراده، أو لفظه ومعناه ولم يعهد في تاريخ الأرض كله أن كلام أحد من البشر يحفظ له البلاغة ما تستمر على مثل هذه الطريقة بضعة وعشرين عاما، ولا يكون أول ذلك إلا بعد أن يبلغ الأربعين، ثم لا ينقص ولا يضعف، ولا تختلف طبقاته ولا يتفاوت أمره في كل هذه المدة مع اختلاف أحوال النفس وأمور الزمن، ومع إحصاء كلامه وجمعه لفظة لفظة، والذهاب به حفظا وتلاوة، حتى لا يجد السبيل إلى تغيير كلمة واحدة بعد أن تنفصل عنه.

    ومن أسرار الإعجاز في هذا الكتاب الكريم، أنه نزل بلسان عربي مبين، بين عرب فصحاء، طبعوا على الصراحة في الرأي والشجاعة في القول، والأنفة من الذل، وقد تحداهم القرآن على أن يأتوا بمثله كما زعموا، ثم طاولهم في المعارضة، وتنازل لهم عن التحدي بجميع القرآن إلى التحدي بعشر سور مثله فقال: أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين. ثم التحدي بسورة واحدة من مثله فقال أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين. .

    وهم على رغم المطاولة ينتقلون من عجز إلى عجز، ومن هزيمة إلى هزيمة، والقرآن في كل مرة من مرات هذا التحدي وهذه المحاولات، وهو ينتقل من فوز إلى فوز، ويخرج من نصر إلى نصر، وتصور أنه قال لهم بادئ الأمر ائتوا بحديث فقط، فلقد قال في سورة الطور أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون* فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين قال أبوعثمان عمرو بن بحر الجاحظ : "بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم أكثر ما كانت العرب شاعرا وخطيبا، وأحكم بما كانت لغة، وأشد ما كانت عدة، فدعا أقصاها وأدناها، إلى توحيد الله وتصديق رسالته فدعاهم بالحجة، فلما قطع العذر وأزال الشبهة وصار الذي يمنعهم من الإقرار هوي والحمية، دون الجهل والحيرة، حملهم على حضهم بالسيف، فنصب لهم الحرب ونصبوا حقدهم، فقتل من عليتهم وأعلامهم وأعمامهم وبني أعمامهم، وهو في ذلك يحتج عليهم بالقرآن، ويدعوهم صباحا ومساء، إلى أن يعارض ما يقوله ويعارضوه إن كان كاذبا بسورة واحدة، أو بآيات يسيرة، فكلما ازداد تحديا لهم بها، وتقريعا لعجزهم عنها، تكشف من نقصهم ما كان مستورا، وإظهار ما كان مختفيا، فحين لم يجدوا إلى ذلك سبيلا من افتراء حجة، قالوا له: أنت تعرف من أخبار الأمم ما لا نعرف، فلذلك يمكنك ما لا يمكننا قال فهاتوا مفتريات فلم يرم ذلك خطيب، ولا طمع منه شاعر، ولو طمع فيه لتكلفه، ولو تكلفه لظهر ذلك، ولو ظهر لوجد من يستجيده، ويحامي عليه ويكابر فيه، ويزعم أنه قد عارض وقابل وناقض، فدل ذلك العاقل على عجز القوم مع كثرة كلامهم واستجابة لغتهم وسهولة ذلك عليهم وكثرة شعرائهم وكثرة من هجاء منهم، وعارض شعراء أصحابه وخطباء أمته، لأن سورة واحدة وآيات يسيرة أنقض لقولهم وأفسد لأمرهم، بل إنه أبلغ من بذل النفوس، والخروج من الأوطان وإنفاق الأموال، وهذا من جليل التدبير الذي لا يخفى على من هو دون قريش والعرب في الرأي والعقل بطبقات، ولهم القصيد العجيب والرجز الفاخر، والخطب الطوال البليغة والقصار الموجزة، ولهم الأسجاع المزدوجة، والمزدوج واللفظ المنثور.

    ثم تحدى بهم أقصاهم بعد أن ظهر عجز أدناهم ، فمحال -أكرمك الله- أن يجتمع هؤلاء كلهم على الغلط في الأمر الظاهر والخطأ المكشوف البين، مع التقريع بالنقص والتوقيف على العجز، وهم أشد الخلق أنفة، وأكثرهم مفاخرة، والكلام سيد عملهم وقد احتاجوا إليه، والحاجة تبعث على الحيلة في الأمر الغامض، فكيف بالظاهر الجليل المنفعة وكما أنه محال أن يطبقوا ثلاثا وعشرين سنة على الخلط في الأمر الجليل المنفعة فكذلك محال أن يتركوه وهم يعرفونه ويجدون السبيل إليه وهم يبذلون أكثر منه " فهذه لحظات متعبدة، ووقفات متأدبة عشتها مع آيات الله.
    بُعد السما بحبك
    بُعد السما بحبك


    عدد المساهمات : 356
    تاريخ التسجيل : 26/11/2009
    العمر : 35

    القران المعجزة الخالدة Empty رد: القران المعجزة الخالدة

    مُساهمة  بُعد السما بحبك الجمعة نوفمبر 27, 2009 8:14 pm

    دائما وابدا...لا اله الا الله ...
    وسبحان الله
    ويعطيك العافية محمد عالموضوع
    محمد عبيدي
    محمد عبيدي


    عدد المساهمات : 249
    تاريخ التسجيل : 21/11/2009

    القران المعجزة الخالدة Empty رد: القران المعجزة الخالدة

    مُساهمة  محمد عبيدي السبت نوفمبر 28, 2009 10:05 am

    تسلمي الله يوفقك
    وهادا واجبنا

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت أبريل 27, 2024 3:34 am